خالد العتيبي: وزارة الشباب والمهمة الشاقة

للمرة الاولى يكون للشباب وزارتهم في الكويت, واستحداث هذه الوزارة ينسجم مع توجهات صاحب السمو الامير الذي اولى الشباب في العديد من خطبه اهمية كبيرة, وهذه الوزارة امامها تحديات كثيرة من اجل النهوض بهذا القطاع العريض من الشعب, اذ أن 63 في المئة من الشعب الكويتي هم من الشباب.
في السنوات الاخيرة عانى الشباب الكويتي من التهميش والتلاعب بمشاعره ومواقفه, واستغلته بعض القوى السياسية في تحصين موقعها الانتخابي وزجت به في الشارع للتظاهر والتصادم مع قوى الامن, فيما هناك نسبة لابأس بها من هؤلاء اتجهت الى مسارات عبثية, كأن يتناول العديد منهم المنشطات والادوية التي تبني العضلات الى درجة الحقن بإبر خاصة بالاحصنة, وكنا طرحنا هذه المسألة في مقالة سابقة قبل اشهر, إضافة الى استغلالهم من الجماعات المتطرفة وغيرها, ما جعل الشباب يبدو بصورة مختلفة تماما عن الصورة التي يطمح إليها الجميع في سبيل ايجاد جيل مسؤول يتولى مهمة بناء الوطن على اسس حديثة.
أن تكون هناك وزارة للشباب فهذا يعني بالدرجة الاولى, وكما هي الحال في الدول المتقدمة, ايجاد برامج متطورة لتنمية القدرات الذهنية والتوعوية وحملات التثقيف الوطني, بالاضافة الى شراكة في البرامج بين المؤسسات الثقافية وبين وزارة الشباب, وان يتحول كل الجهد الى جعل هذه الفئة تشارك بفعالية في بناء المستقبل.
للاسف طغت في السنوات الماضية الثقافة القبلية والطائفية على الشباب, ورأينا كيف أن هؤلاء يسيرون احيانا خلف الشعارات التي يعزف اصحابها على وتر القبلية والطائفية, ورأينا كيف أن الانتماء الوطني تراجع فيما تقدمت الانتماءات الاخرى, وربما كان ذلك بسبب تقصير المؤسسات الثقافية والتعليمية في وضع ستراتيجية لبناء هوية وطنية تبني الاجيال كافة, فالانتماء الوطني الذي تجلى بالاعمال البطولية اثناء الاحتلال العراقي للكويت لم يعد موجودا الان, بل العكس تماما, وبخاصة في ما رأيناه اثناء الاسابيع الاخيرة حين خرج العديد من الشباب في مسيرات لا ترفع شعارات لها علاقة بمشكلاتهم إنما كانت للمطالبة باعادة نظام الاربعة اصوات الذي هو بالاساس شعار بعض النواب السابقين, وهذا يدل على مدى معاناة الشباب من الفراغ الذي تملأه أي مجموعة سياسية لان الدولة لم تعمل على سد الثغرة الثقافية عند هؤلاء.
لقد اثبتت التجربة أن لدينا طاقات شبابية هائلة, فهناك مجموعة من الشباب الكويتي الذين كرسوا كل وقتهم للعمل والانجاز, وقدم بعضهم اختراعات كثيرة, كما أن العديد من هؤلاء الشباب حققوا في المحافل الرياضية انتصارات كبيرة, فيما هناك شريحة عريضة كانت تعاني من الفراغ الذي تسبب, كما قلنا, بالعديد من الظواهر السلبية.
مهمة وزارة الشباب ليست سهلة, ونتمنى أن لا تتحول الى رديف للهيئة العامة للشباب والرياضة, بل أن تؤدي دورها في كل المجالات المتعلقة بالشباب, وبخاصة الشأن الاجتماعي والتوعوي حتى في مجال بناء الأسرة, وهي مهمة اساسية, لان نسبة الطلاق في الزيجات الحديثة تصل الى معدل مخيف, بالاضافة الى بناء هوية وطنية حقيقية للشباب.
ليست وزارة الشباب مجرد وزارة عادية,بل انها توازي بأهميتها الوزارات السيادية ولا تقل شأنا عنها, واذا كنا نتوسم خيرا بان تمارس الدور الحقيقي المطلوب منها ولا تخيب الامال المعقودة عليها وخصوصاً في هذه المرحلة الحساسة التي نرى في العديد من الدول العربية كيف يتحول الشباب الى وقود في الصراعات السياسية, وعلى قاعدة “في الامتحان يكرم المرء او يهان” نتمنى أن تكرم الوزارة الشباب حتى تنجح في هذا التحدي الكبير.

كاتب كويتي
khaledlaotibi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.